قال المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) إن أكثر من مليون ومئتي ألف موظف حكومي في اليمن، من بينهم ما يقارب 240 ألف معلم ومعلمة، لم يتقاضوا رواتبهم منذ سبتمبر 2016، ما خلق أزمة إنسانية اقتصادية ممتدة مشيرًا للتداعيات المترتبة على تلك الأزمة التي أوردها في دراسته الجديدة التي حملت عنوان: “بلا رواتب… عقد من الحرمان”، والذي صدر في مايو 2025.
تسلط الدراسة الضوء على واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية المستمرة منذ اندلاع النزاع، والمتمثلة في تعليق #رواتب الموظفين الحكوميين، والتي تشكّل المصدر الوحيد للدخل لملايين المواطنين اليمنيين. حيث وثق المركز، من خلال شهادات الضحايا وتحليل السياسات العامة، الأثر الاقتصادي والاجتماعي والنفسي الكارثي الناتج عن هذا الانتهاك الجماعي، والذي لم يميز بين موظف مدني أو عسكري، ولا بين طبيب وأستاذ جامعي، ولا بين رجل وامرأة.
أظهرت البيانات التي جمعها فريق المركز بأن هذه الجريمة لم تتوقف عند حد قطع الرواتب، بل امتدت لتشمل إجراءات تعسفية كالفصل والإقصاء والاستبدال الوظيفي على أسس سياسية وطائفية، وهو ما وثّق المركز منه عشرات الحالات في قطاع التعليم تحديدًا. كما يربط التقرير بين انهيار التعليم والصحة والخدمات العامة وبين انقطاع الأجور، إذ أصبحت مؤسسات الدولة مجرد هياكل بلا موارد بشرية أو تشغيلية.
من الناحية القانونية، يشكل حرمان الموظفين من مرتباتهم انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، والدستور اليمني ذاته. كما يخلص التقرير إلى أن هذا الحرمان المتعمد والمتواصل قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 (ك) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكونه يستخدم الجوع كوسيلة للإخضاع السياسي والتعذيب النفسي الجماعي.
يُحمل (ACJ) المسؤولية الكاملة #جماعة_الحوثي لعدم توريدها الجبايات والرسوم التي تقوم بفرضها وجمعها في مناطق سيطرتها للبنك المركزي، كما أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا غير معفية أيضاً من تلك المسؤولية كونها مسؤولة عن توفير الحياة الكريمة للمواطنين، إذ يتبادل الطرفان الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية قطع الرواتب، بينما يستمر الموظف اليمني في دفع الثمن الأكبر وحده، وسط صمت دولي مريب وتراخٍ في الضغط على الأطراف المتورطة.
يدعو المركز الأمريكي للعدالة، من خلال هذه الدراسة، إلى تحييد ملف الرواتب تمامًا عن الصراع السياسي والعسكري، والعمل العاجل على إعادة صرفها فورًا وبأثر رجعي، دون شروط أو تمييز. كما يطالب المجتمع الدولي بالضغط على جماعة الحوثي والحكومة اليمنية لانهاء هذه الأزمة وعدم جعل ملف المرتبات خاضعة للتجاذب السياسي.
يؤكد المركز على أن استمرار تجاهل هذا الملف يمثّل مشاركة غير مباشرة في جريمة ممنهجة تهدف إلى تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة اليمنية وتحويل مئات الآلاف من المواطنين إلى رهائن للجوع والإذلال والابتزاز السياسي.
اليمن – نجيب الشغدري