في مشهد يعيد للأذهان بطولات الأرض وصمود أهلها، سطّر أهالي محافظة القنيطرة يوم أمس موقفًا بطوليًا جديدًا، تمثل بتصديهم المباشر لدورية تابعة لقوات الجيش الإسرائيلي اقتربت من سد رويحينة الواقع في ريف القنيطرة الأوسط، مجبرين الجنود على الانسحاب الفوري تحت وابل من الحجارة وهتافات التحدّي.
بحسب مصادر ميدانية وشهود عيان من المنطقة، فإن الدورية العسكرية الإسرائيلية تقدّمت من الجهة المحتلة باتجاه السد، في خطوة وُصفت بأنها استفزازية وغير مبررة. إلا أن أهالي المنطقة لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل هرعوا إلى المكان فور رصد التحرك، وبدأوا برشق الجنود بالحجارة، وسط هتافات مناهضة لقوات الجيش الإسرائيلي ومؤيدة للسيادة السورية على كامل تراب الجولان.
ورغم أن الدورية كانت مزوّدة بعتاد كامل وتحظى بغطاء ناري من مواقع خلفية، إلا أن المفاجأة كانت في صلابة الموقف الشعبي الذي أربك الجنود، ودفعهم إلى التراجع والانسحاب الفوري من محيط السد، دون وقوع إصابات أو اشتباكات مباشرة.
ما جرى عند سد رويحينة لا يمكن اعتباره حدثًا عابرًا، بل هو رسالة صريحة وواضحة من أبناء القنيطرة، مفادها أن لا تسامح مع أي محاولة انتهاك لحرمة الأرض، ولا مكان للغرباء في أرض الأحرار، مهما كانت موازين القوى تميل لصالحهم عسكريًا.
هذا التحرك الشعبي العفوي، غير المنظم، يعكس الوعي الجمعي الراسخ لدى الأهالي، والذي لم تضعفه سنوات التهديد، ولا ظروف الحرب التي أنهكت البلاد، بل على العكس، زادهم تشبثًا بحقهم في أرضهم، وإيمانًا بأن الكرامة والسيادة لا تُشترى ولا تُمنح، بل تُنتزع وتُحمى بالدم والإرادة.
وتُعد محافظة القنيطرة من أبرز رموز الصراع الوطني، وقد شهدت عبر عقود من الزمن محطات من الصمود والمقاومة، سواء خلال الاحتلال المباشر لمدينة القنيطرة في حرب 1967، أو بعد تحريرها عام 1974. واليوم، يعيد أبناؤها التأكيد أن هذه الأرض لم تُنس، وأن كرامتها لا تزال مصونة بأهلها.
وفي ظل الصمت الدولي المتواصل تجاه الانتهاكات المتكررة التي تمارسها قوات الجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، يبقى الموقف الشعبي، كالموقف الذي حدث في رويحينة، هو الرادع الحقيقي لأي تمدد أو استعلاء.
ليست الحجارة سلاحًا متطورًا، لكنها حين تُرمى من يدٍ تعرف الأرض وتنتمي لها، تصبح أبلغ من الصواريخ. وما حدث عند سد رويحينة ليس سوى مشهد جديد من ملحمة الصمود الجولاني، حيث يرفض الناس أن يُستباح ترابهم، ولو بأقدام دورية عابرة.
اسامة الكومة _ سوريا